بقلم دعاء
المحتويات
حتى دخل عبد الرحمن وفي يده الكوب الذي يحوى الزهرة وقدمه لإيمان قائلا بنبرة اعتذار
أتفضلى والله خدت بالى منها جدا وانا جايبها حتى اسأليها
رفع نظره فوجد والدته ووالده ينظران إليه بتسائل وعلى وجوهيهما ابتسامة فقال شارحا
دى إيمان نسيتها في عربية يوسف
وقفت فرحة بفضول وقالت أيه ده معقول الوردة دى شبه اللى عندنا تحت أوى
ههههههه منورين يا جماعة والله
نهضت عفاف وقالت يالا يا جماعة العشا جاهز
وقفت مريم وقالت بحزن معلش يا طنط أعفينى أنا هطلع أستريح اصلى تعبانة شويه
اقتربت منها عفاف بلهفة قائلة مالك يا مريم حاسة بأيه
ألقت إيمان نظرة إلى عمها ثم قالت وأنا كمان هطلع
وقف حسين أخيرا وقال بلهجة آمره مفيش نوم قبل العشا يالا على السفرة
خطت إيمان بخطوات بطيئة تنظر إلى مبنى الشركة الضخم أنه يفوق ما كانت تتصور أوقفها الأمن على البوابة ثم سمحوا لها بالدخول فور رؤيتهم لبطاقة هويتها الشخصية ظلت تنظر حولها في انبهار أثناء اتجاهها في الطريق الذي يشير إليه موظف الأستقبال الذي يصاحبها فيه حتى وصلت إلى مكتب السكرتارية الخاصة بعمها كانت تتوقع أن تنتظر برهة ليسمحوا لها بالدخول ولكنها تفاجأت بتواجد عمها شخصيا في استقبالها أمام باب مكتبه الخاص وعلى وجهه ابتسامة كبيرة و مرحبة بها وقال
جلست على استحياء مقابلة له قائلة معلش يا عمى محبتش اتعبك
نظر لها الحاج حسين بعتاب قائلا تتعبينى أيه بس أنت مش هتبطلى الحساسية الزايدة دى
ثم أردف بود ها تحبى تشربى أيه
قالت بحرج شكرا يا عمى أنا مش هطول
لا مينفعش لازم تشربى
ثم أجرى أتصالا وأمر لها بكأس عصير طازج ثم أجرى أتصالا آخر بأخيه إبراهيم وتحدث معه في بهجة واضحة
ثم نظر لها مبتسما فبادلته الأبتسامة فقال إيمان في مكتبى دلوقتى
أنهى الاتصال والټفت لها قائلا عمك مش مصدق قالى اقبض عليها لحد ما آجى أشوفها بنفسى
أبتسمت إيمان وهي تقول بخجل ربنا يخاليكوا يا عمى انتوا بتعاملونا معاملة مكناش نتوقعها أبدا
دخل الساعى ووضع كأس العصير وقبل أن يخرج دخل إبراهيم متهللا وجهه عندما وقع نظره على إيمان سلم عليها وقال
الحمد لله يا عمى بخير
حمدلله على السلامة يابنتى نورتى البيت والشركة
منوره بيكم يا عمى
شردت قليلا وهي تنظر إليهما لا تعلم كيف تبدأ حديثها بعد هذا الترحيب الكبير ماذا ستقول هل تبدأ بكلام أمها أم تسأل هي وكأنها لم تعلم ماذا حدث وأخيرا حسمت أمرها قائلة
عمى أنا عارفة أن
الموضوع اللى أنا جايه فيه مينفعش اتكلم فيه في الشغل لكن مكنتش عاوزه حد من البيت يسمعنا
تبادلا النظرات مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت النظرات لها معنى آخر وساد الصمت لبرهة
قطعته إيمان وهي تنظر إليهما وكأنها قد استشعرت الحرج في نظراتهما فقالت وأنا هقبل الحقيقة دى مهما كانت
إبراهيم هو أنت يا بنتى أمكوا محكتلكوش على حاجة
إيمان حكتلنا حاجات كتير وكنا مصدقنها لكن لما عشنا معاكوا وشوفناكوا مبقناش متأكدين من أى حاجة
حسين قالتكوا أيه يا بنتى
ايمان ياعمى من فضلك أنا لو كنت واثقة أن اللى اعرفه صح مكنتش جيت النهاردة أنا زى ما يكون كان بيتحكيلى على ناس تانية غيركوا من فضلك يا عمى ريحنى ولعلم حضرتك مريم عارفة أنى جايالكم النهاردة لأن هي كمان عاوزه تعرف الحقيقة ومرضتش أقول لإيهاب لإنى لو قلتله كان هيصمم يجى معايا وأنا عارفة إيهاب حمقى ومش هيستحمل كلمة على
ماما وأنا لسه مش عارفة االماضى كان شكله
أيه
أومأ ابراهيم برأسه موافقا لها وقال عين العقل يابنتى
تنهد حسين تنهيدة قوية وهو يقول أنا كنت عارف أن مسيركم تسألوا وكنت خاېف من اللحظة دى
ثم نظر إلى إبراهيم
وكأنه يستشيره ماذا يقول وماذا يخفى فقرر إبراهيم أن يرفع عنه الحرج فبدأ بالحديث قائلا
شوفى يا بنتى
قاطعه حسين قائلا أستنى يا ابراهيم قبل أى كلام لازم نبعت نجيب كل الدفاتر والمستندات علشان يبقى الكلام بالدليل
أجرى حسين أتصالا بالموظف المسؤول عن حسابات الشركة بعد دقائق قليلة أتى الموظف بالمستندات المطلوبة ووضعها على الطاولة أمام إيمان كما أمره
الحاج حسين وانصرف
أشار لها حسين قائلا دى كل المستندات ومتأرخه بصى على التواريخ وراجعى الحسابات وده العقد اللى أبوكى الله يرحمه مضاه بأنه أخد كل فلوسه وعمل تخارج من الشركة لما كانت لسه صغيرة وأخد نصيبه منها كله وده أعلام الوراثة بتاع أملاك جدك الله يرحمه علشان ينورك أكتر خدى كل دول معاكى وأعرضيهم على أى محاسب ومحامى تثقى فيه وساعتها هتعرفى الحقيقة
أردف إبراهيم متابعا مفيش غير حاجة واحدة بس مش موجودة على ورق جدك الله يرحمه اشترى الأرض اللى مبنى عليها دلوقتى البيت الكبير لكن ملحقش هو اللى يبنيه بعدها على طول توفاه الله واكتشفنا أن الأرض خرجت من الميراث لأن جدك كتبها بأسمى انا وحسين قبل ما ېموت
أكمل حسين وأوعى تفتكرى يا بنتى أن جدك ظالم علشان كتب الأرض بأسمى انا وابراهيم بس وأبوكى لاء جدك ساعتها كان عنده بعد نظر وكان متأكد ان ابوكى هيسحب ورثه كله ومش هيتبقاله حاجة تعيشه وساعتها وصانى قبل ما ېموت اننا نبنى البيت ويبقى ده بيت العيلة الكبير ويبقى لاخويا علي الله وولاده نصيب في البيت بنصيبهم في الأرض يعنى انتوا يابنتى عايشين في ملككوا مش ضيوف عندنا
كانت إيمان تسمع وكأنها تشاهد فيلم أبيض وأسود وترى المشاهد أمامها فقالت بخفوت بس الأرض باسم حضرتك وعمى بس يعنى قانونا احنا مالناش حاجة فيها
أبتسم حسين قائلا أديكى قولتى قانونا لكن ضميرنا عارف أن جدك كان نيتوا أن الأرض تبقى لينا أحنا التلاتة وجدك مربينا ومتأكد أننا مش هنخالفه حتى بعد ما ېموت جدك كان عاوز يجمعنا مع بعض بعد مماته زى ما كان جمعنا في حياته
قالت ايمان وقد لمعت عينيها بالدموع بس ده مخالف للشرع
أومأ حسين برأسه موافقا صح يا بنتى الميراث بالذات لازم يبقى قانونى ومكتوب لأن النفوس والضماير بتتغير
لكن جدك كان ده تفكيره ساعتها علشان يحافظ على الحاجة الوحيدة اللى هتبقى مجمعانا في بيت واحد ومكان واحد وبصراحة هو كان عنده بعد نظر وكلامه اتحقق فعلا أبوكى الله يرحمه أخد ورثه كله ودخل في مشاريع بعيد عننا وكلها خسړت ولو كان عارف أنه ليه حق في الأرض كان باعه هو كمان
توترت إيمان وشعرت أن عقلها غير قادر على فهم كل هذه المفاجآت في آن واحد أنا مش فاهمة يا عمى ايه اللى يخلى بابا يبعد عنكم كده وياخد ورثه ويشتغل لوحده
تردد حسين فقال ابراهيم أمك هي السبب
وقعت الكلمة على أذنيها ثقيلة رغم أنها كانت تتوقع الكثير فقالت أزاى يا عمى أمى هي السبب
حسين ده تاريخ طويل يابنتى ملوش لازمة نفتح فيه دلوقتى
ثم أردف ومعلش يابنتى ليا عندك طلب
إيمان أتفضل
قال محذرا مش عاوز حد يعرف دلوقتى بحكاية حقكوا اللى في الأرض أنا هقولهم بنفسى بس مستنى الوقت المناسب
أومأت برأسها موافقة وقالت حاضر يا عمى بس حضرتك وعدتنى تجاوبنى على أسألتى لكن جاوبتنى على سؤال الورث والفلوس بس ورافض تجاوبنى على الباقى
وأردفت في رجاء أرجوك يا عمى ريحنى أنا عاوزه أعرف ليه أمى بتكرهكوا أوى كده ايه اللى حصل بينكوا زمان ايه اللى يخلى واحدة تطلق تاخد عيالها وتهرب
ثم أستدارت له بجسدها كله قائلة ياعمى احنا اتعذبنا أوى أحنا عشنا في بلدنا زى الغرب بنخاف نقول أسمنها بالكامل بنخاف نجيب أسم عيلة جاسر على لسانا ماما كانت محسسانا أنكوا لو عرفتوا طريقنا هتقتلونا وكانت مفهمانا أن أنتوا السبب في طلاقها من بابا الله يرحمه وكل ده علشان الورث اللى هو مالوش وجود أصلا كنا عايشين مع جوز أم بنكرهه ومكنش لينا مكان تانى نروحه علشان كده أنا وأخواتى مكنش لنا غير بعض كنا بنتحاما في بعض لحد ما ربنا من علينا وأحنا في ثانوى وجالهم شغل بره ومحدش فينا رضى يسافر معاهم وقعدنا هنا مع بعض نذاكر ونعتمد على نفسنا ونشتغل كمان علشان مكناش عاوزين قرش من جوز أمنا ليه يا عمى أمى تشوفنا كده وتفضل تكرهنا فيكوا وتبعدنا عنكوا إلا اذا كان في سبب قوى فهمنى يا عمى يمكن قلبى يهدى شوية
ثم بدأت في البكاء وقد عادت إليها آلام السنين والذكريات السيئة نهض إليها حسين وبدأ في تهدئتها فأشار له
إبراهيم أشاره وكأن يقول دع الأمر لى جلس إبراهيم
أمامها مباشرة وقال
أنا هريحك يابنتى
رفعت إيمان رأسها وقالت برجاء ياريت ياعمى
ابراهيم يابنتى الحكاية قديمة اوى من ساعة ما كانت جدتك في مشاكل بينها وبين اختها
سميحة أم أمك لدرجة أنهم قطعوا بعض المشاكل دى كانت بتكبر لدرجة أنها وصت أن محدش من ولادها يتجوز بنتها أحلام أمك يعنى
لكن بقى أبوكى حبها وصمم يتجوزها بدون رغبة جدك جدك ساعتها ڠضب عليه وقاطعه لانه خالف وصية أمه الله يرحمها
وفضلت العلاقات مقطوعة بين أبوكى وجدك لكن احنا كنا بنسأل عنه وبنعرف أخباره وبعد جدك ما ماټ دخلنا شركة مع
بعض أبوكى فضل معانا لحد ما أمك فضلت وراه لحد ما سحب نصيبه من الشركة وكانت بتفهمه اننا بنسرقه ومع الأسف كان بيصدقها من كتر ما كان بيحبها بعد ما خد نصيبه ابتدت
أمك تدخله في مشاريع خسرانه وهو ماشى وراها لحد ما خسر كل فلوسه وأبوكى كان مريض من وهو صغير كان عنده مشكله كده في القلب
قالت ايمان وهي مازالت مشدوهة مما تسمع ايوا بس ماما مسافرتش طيران خالص حتى لما سافرت مع جوزها سافرت برى
ابراهيم وهي دى غلطتنا يابنتى أننا كنا بندور في الاتجاه اللى هي رسمته لينا ومدورناش في اتجاه تانى لحد ما وفاء بنتى لفتت انتباهنا لأنكم ممكن تكونوا في مصر من الأساس وان كل ده كان وهم امك عيشتنا فيه بس طبعا ده جه متأخر أوى لأن أمك كانت قررت تعرفنا طريقكوا وبعتتلنا الجواب
نظرت ايمان الى عمها حسين فوجدت في عينيه نظرة امتنان لأخيه ابراهيم تفرست
متابعة القراءة