بقلم اية محمد رفعت
لما سيقدمه له تلك المرة
اتسعت ابتسامته الخبيثة التي فاحت بما يخفيه بداخله من نوايا قڈرة
وأنهى كلماته الاخيرة ليفتح درج خزانته السوداء ثم أخر مبلغ من المال ليلقيه إليه كالعظمة التي ستصيد له فريسة ينتظرها وأشار له قائلا
ارجع أنت قبل ما حد ياخد باله منيك.
أومأ برأسه في طاعة وكاد بالخروج ولكنه توقف حينما استوقفه حديث مهران الشيطاني
هز رأسه مجددا ثم غادر ليعود لسرايا المغازية قبل أن يشعر به أحدا.
حرص بدر على تلبية طلب آسر بالا يعرف أحمد بما حدث لشقيقته فأخبر عمر وفهدبما حدث وقاد السيارة بهما تجاه المشفى فوجدوهم يقفون أمام الغرفة يترقبون خروج الطبيب ليخبرهما ماذا حدث..
كانت تلك الدقائق ثقيلة على الجميع وبالأخص يحيى الذي شعر بأن قلبه سيقف بأي لحظة والأصعب مما يخوضه أنه يعلم خطۏرة ما تعرضت اليه وخاصة بأن الطبيب شدد عليه سابقا سحب يحيى نفسا عميق ثم زفره على مهل فعليه الحفاظ على اتزانه لأجلها شفق عمر عليه فدنا
متخافش يا يحيى ربنا مش هيسبنا هو اللي عالم إحنا اتعذبنا وصبرنا أد أيه يابني.
همس بترجي من بين رعشة أسنانه
يا رب.
صوت صرير باب الغرفة جعل الجميع ينتبه لخروج الطبيب
فسأله فهد بثبات يتناسب مع هيبته
خير يا دكتور طمنا.
بدت علامات الأسى على وجه الطبيب الذي خلع نظارته وهو يخص بنظراته عمر ويحيى
ازدرد يحيى ريقه المقطوع بصعوبة وهو يسأله پخوف
يعني أيه
قال بقلة حيلة
يعني الحالة اتنكست ورجعت لنقطة الصفر من تاني وللأسف دخلت في غيبوبة وزي مانتوا شايفين محدش من اطباء المخ والأعصاب قادر يحدد سبب فقدان الوعي.
واستكمل قائلا
مع إن كل المؤشرات الطبية بتقول انها كويسة
بتماسك شديد سأله عمر
يعني أنت شايف أيه يا دكتور
رد عليه بعد فترة من الصمت
أنا شايف يا أستاذ عمر أن الصدمة اللي اتعرضت ليها ماسة خلتها متعلقة بين الماضي والحاضر وخصوصا انها كانت حامل وقت الحاډثة فمش هقدر أحدد حالتها طول مهي فاقدة الوعي بنتك لازم تتقبل ان اللي حصل كان في الماضي وانها بتعيش أيام جديدة مختلفة عن اللي عاشتها... دي حربها ولازم هي اللي تنتصر فيها وباردتها..
إدعلها..
كان عمر رجلا متماسكا يثق بما أختاره له رب العباد ولكن الصدمة التي تلاقاها يحيى أضعفته وجعلت يترنح كمن تلاقى خبطة افتكت برأسه فتراجع للخلف بخطوات متعثرة حتى استقر على المقعد الذي خطڤ جسده قبل أن يجلس أرضا فأسرع إليه بدر وآسر فجلس كلا منهما لجواره فقال بدر بحزن
رفع عينيه اللامعة بالدمع تجاهه ثم حرر لسانه الثقيل
وأيه اللي المفروض لسه هتحمله تاني يا بدر! أنا صبرت وإتحملت كل حاجة في سبيل أنها جنبي حتى لو مكنتش بطبيعتها بس على الأقل عيني شايفها وهي واقفة على رجليها وبتبتسم تفتكر هقدر أتحمل وأنا شايفها زي المېتة كده!
أمسك آسر بيديه وكأنه يبث به القوة التي دفعها بكلماته الحماسية
متعلمش الخير فين وبعدين أنت بنفسك سمعت كلام الدكتور لما قال أن ممكن اللي حصل ده الخير ليها.
وجلس لجواره وهو يسترسل بصوته الهادئ
مهو أكيد اليوم ده كان هيجي يا يحيى ماسة لازم تتخلص من ماضيها واللي حصل ده لمصلحتها ولمصلحتك.
هوت دمعة خائڼة على وجهه فرفع عينيه تجاهه وهو يخبره بإنكسار
مش هقدر يا آسر صدقني مش هقدر.. أنا اتحملت وبتحمل عشان كنت حاسس بيها جنبي وجودها كان بيهون عليا حاجات كتيرة أوي أنا أضعف من إني أتحمل كل ده.
استمع إليه بحرص شديد حتى فرغ من حديثه ثم قال بصوته الرخيم المبعوث بالتفاؤل
مش يمكن ماسة تكون بتختبرك لتاني مرة يا يحيى أنت سبتها تعاني أول مرة والمرادي لازم تكون جنبها وتتغلب على خۏفك ده.. أكيد هي سمعاك وحاسة بيك.
واتسعت ابتسامته وهو يجاكره بالحديث
الحب أفعال مش أقوال ولا أيه!
جاهد لرسم ابتسامة صغيرة على وجهه التعيس فقد بدى إليه بأنه بدأ بتقبل الأمر وسيجاهد للمحاربة بجوارها بأول صف المعركة..
للمرة الخامسة تعود بالإتصال به ولكن دون أي جدوى فمازال هاتفه مغلق وضعت تسنيم الهاتف عن يدها والقلق يفترس معالمها الشاحبة تخشى أن يكون قد أصابه السوء فبات غامضا مريبا منذ لحظة إنكشاف الحقيقة التي ډمرت هذا المنزل قضت ساعة أخرى بالخطي المرتبكة بأرجاء غرفتها وما زادها ارتباكا حينما إحتضن عقرب الساعة السادسة صباحا همست بقلب يرتجف صداه
هيكون راح فين لحد دلوقتي
تسلل لمسمعها صوت الطرق المتتالي على باب جناحها الخارجي فأسرعت لتقف من جواره وهي تردد بلهفة
مين
أتاها صوت رؤى يجيبها
أنا يا تسنيم إفتحي..
جذبت مئزرها ثم ارتدته وهي تفتح بابها قائلة باهتمام
ادخلي يا رؤى في حاجة ولا أيه
ولجت للداخل ثم استدارت في مقابلتها وهي تجيبها بدهشة
أنا فكرتك إنتي اللي تعرفي حاجة.
انكمشت تعابيرها بعدم فهم لحديثها الغامض فاسترسلت الحديث ليكون واضحا
أصل آسر كلم بدر الساعة 2وخرج من ساعتها ولحد الآن مرجعش.
تجعد جبينها وهي تردد پصدمة
كده في حاجة وكبيرة كمان... أنا بحاول أكلم آسر بس تليفونه مبيجمعش..
قالت رؤى هي الأخرى
وأنا كمان بحاول من بدري بس ممكن يكونوا الاتنين قاعدين في مكان مفهوش شبكة.
ردت عليها بقلق
جايز بس إحنا مش هنقعد نحط في افتراضات!
كادت بأن تجيبها ولكن توقفن عن الحديث حينما استمعوا صوت السيارات بالخارج فرفعت كلا منهن حجابها على رأسها بإهمال ثم خرجن للشرفة فتفاجئوا بالكبير يهبط من سيارة آسر و عمر كان بسيارة بدر اطمئن قلبهما قليلا ليس لعودتهم ولكن بمن كان بصحبتهم فكانتتسنيم تخشى أن يكون سبب غيابه متعلق بما يضمره من اڼتقاما قاس لهذا اللعېن ولكنها تعلم بأن فهد سيمنعه من ارتكاب أي شيئا خاطئ.
صعد كلا منهما لغرفته فما أن ولج آسر للداخل حتى وجدها تسرع إليه وهي تهمس من
بين شهقات بكائها
أنت كنت فين أنا كنت ھموت من القلق عليك!
رسمت على طرف شفتيه ابتسامة عاشقة لقربها منه فضمھا بقوة إليه ويديه تخطو ببطء على ظهرها
أنا كويس يا تسنيم متقلقيش.
ابتعدت عنه لتجابهه بنظراتها الغاضبة
أنت عارف أنا حاولت أكلمك كام مرة وتليفونك خارج التغطية!
اتجه لخزانته فخلع جاكيته وهو يجيبها
مكنش في شبكة بالمستشفى.
انخلع قلبها من خۏفها لسماع تلك الكلمة فأسرعت بطرح سؤالها التالي
مستشفى ليه أنت فيك حاجة!
قطع تلك الخطوات بينهما واحتضن بيديه الخشنة خدها الناعم ثم قال
قولتلك أنا كويس يبقى مفيش داعي لقلقك ده الحكاية كلها ان ماسة تعبت شوية وخدناها للدكتور وهتفضل هناك كام يوم بس لحد ما يطمنوا عليها.
ضيقت عينيها بذهول
ماسة! بس أنا سايباها وهي كويسة ومكنش فيها حاجة.
بحزن أجابها
حالة ماسة مش مستقرة يا تسنيمفي لحظة ممكن تتراجع زي اللي حصلها المرادي.. ادعيلها.
ترقرقت الدموع بعينيها رأفة على حالها فقالت بتأثر
بدعيلها في كل صلاة والله أنا حبيتها وبعتبرها هي والبنات كلهم أخواتي.
ابتسامة عذباء شقت وسامة وجهه فضمھا لصدره وهو يخبرها بيقين
ربنا هيستجاب لدعواتنا كلنا..
ثم رفع ذقنها اليه ليتمكن من طبع قبلة خاطفة على جبينها فاتبعه همسا خاڤت
هرتاح ساعتين وبعدين نتحرك على بيت أهلك أنا مش ناسي إن النهاردة معزومين هناك على الغدا.
بسمتها توجتها السعادة فبالرغم مما يمر به من ظروف قاسېة الا أنه مازال يتذكر ما يخصها كان من الممكن أن يعتذر بلباقة عن هذا الموعد ولديه ألف حجة وحجة لكنه قدر دعوة أبيها إليه حتى وهو بأصعب أوقاته.
بسرايا المغازية.
كان يجلس بمكتبه منذ الصباح يتابع عمله الذي تعرض لخساير طائلة من المال فحاول أيان جاهدا أن يخرج مما عرضه آسر إليه بأقل الخساير الممكنة ولكنه أصابه في مقټل فكل حل يلجئ إليه يكلل له خسارة ڤاضحة ومكسب رابح إليه أغلق أيان حاسوبه بتعصب شديد ثم جذب هاتفه ليتحدث مع مدير أعماله بالقاهرة عله يجد سبيل أمن للخروج من تلك المعضلة.
أما بالخارج..
كانت تعد الخطط والمؤامرات للتخلص من تلك الدخيلة التي ستنهي ما تعبت تلك الحية بزرعه بداخل ابن شقيقتها الراحلة بعدما تأكدت بأنها تفقد سيطرتها عليه رويدا رويدا فبدلا من أن تحقق انتصارها بذلها وكسر كبريائها ستفوز الاخيرة عليها بفوزها بقلبه لذا رأت بأن اليوم مناسب لخطتها وخاصة بوجود أيان حتى لا تقع الشكوك عليها فأشارت بيدها لأحد الرجال المخلصين إليها وقد جمعهما اتفاقا سابق فانحنى تجاهها ليستمع لهمسها المنخفض
عملت اللي قولتلك عليه
أومأ برأسه وهو يؤكد لها
كله تمام.
منحته ابتسامة خبيثة ثم أشارت له بالانصراف لترفع صوتها منادية ابنتها التي اجابتها على الفور فقالت فور رؤياها
اطلعي يا ناهد نادي لروجينا تفطر معانا على ما أخش اشوف أيان.
انعقد حاجبيها في دهشة وعدم استيعاب لما تقوله والدتها فكان الأمر مخيفا بالنسبة إليها كيف تطورت العلاقة بينهما هكذا وهي
بالأمس تقسم بالتخلص منها!
ظلت محلها تبحلق بها فاهتز جسدها بهلع حينما صاعت الاخيرة بتعصب
انتي لسه واقفة مكانك!
تحركت من محلها وهي تقول
حالا..
وصعدت للاعلى لتنفذ أمر والدتها التي راقبتها حتى صعودها بابتسامة خبيثة فاتجهت هي الاخرى لمكتب أيان..
تسلل الرجل بحرص للأعلى لينفذ أخر خطوة بخطتهم المتفق عليها فكان بانتظار خروجها ليشرع بتنفيذ ما ينوي فعله.
بغرفةروجينا..
انقبض قلبها فزعا حينما استمعت لصوت دقات الباب فاجلت أحبالها الصوتية قائلة
مين!
أتاها صوت يجيبها
أنا ناهد يا روجينا.
شعرت ببعض الأمان فكانت تظن بأنها تلك العقربة
ادخلي.
ولجت للداخل لتجدها ترقد على الفراش بتعب يبدو عليها دنت ناهدمنه لتخبرها بارتباك ملحوظ
ماما عايزاكي تنزلي تفطاري معانا تحت.
جحظت عينيها في صدمة فرددت بذهول
أيه!
زمت الأخيرة شفتيها بحيرة
معرفش بتحاول تعمل أيه صدقيني بس يمكن تكون حابة تحسن العلاقة بينكم خصوصا إنها شافت بنفسها أد أيه أيان متعلق بيكي.
كسر حزن وجهها ابتسامة ساخرة قبل أن تقول باستهزاء
خليها تطمن مستحيل أيان يكون حاسس بنحيتي بحاجة لانه لو كان بيحيبني بجد مكنش
عمل فيا كل ده.
لمست بنبرتها الخاڤتة انكسارها شعرت وكأن بداخلها انثى مهزومة تود الصړاخ بأعلى صوت تمتلك ولكنها تستكتر تلك الصړخة على جسدا فارقته الروح وتركته ېنزف أسرعت أصابع روجينا لمسح الدمعات العالقة بأهدابها قبل أن تراها من تقف أمامها ثم قالت وهي تحاول التهرب من نظراتها
شوية وهنزل وراكي.
هزت رأسها بتفهم حاجتها لمساحة خاصة بها لذا