بقلم اية محمد رفعت
المحتويات
وهو يجاهد لتضميد ذاك الألم الغائر الذي يطيح بقلبه وكأن ذكرها لعڼة ممېتة كل شيئا من حوله بات منفرا وكأنه يذكره بها الهواء يحتضن رائحة خصلات شعرها الأصفر خفقات قلبه المضطربة تذكره بهاجلس بدر على المقعد ليغلق أجفان عينيه بقوة يتمنى أن يحتضن ذكراها المؤلمة بداخلها ضړبته كلماتها التي عادت لتهاجمه من جديد
هكذا كانت نظرتها تجاه حبه وغيرته الشديدة إليها أطبق بقبضته على بعضها البعض
وهو يردد من بين اصطكاك أسنانه
إخرجي من عقلي وتفكيري أنا بكرهك وبكره أي شيء بيفكرني بيك!
كادت حور أن تدق جرس شقة يحيى فوجدته يفتح الباب فقال بابتسامة أزادته وسامة
ابتسمت بخجل ثم قالت على استحياء
صباح الورد يا يحيى.
تساءل على الفور والشكوك بدأت تتلاعب بحدقتيه
غريبة أنك تطلعي لماسة الصبح كده.
أجابته باسمة
مهو أنا مش جاية لماسة أنا عايزاك انت.
بكل جدية قال
في حاجة ولا أيه
ردت عليه بهدوء
لا مفيش ده عمو فهد كان عايز حد يكون بالمطار باستقبال تالين ورؤى.
أوعي تبلغي بدر بالموضوع ده.
حدجته بنظرة غريبة فلعق شفتيه وقد إستعاد ثباته المتزن ليستطرد بهدوء مخادع
أصله عنده شغل كتير النهاردة في المصنع أنا هأخد عبد الرحمن ونروح نجيبهم.
قالت بعدم مبالاة
تمام أنا كده كده قولتله
وهو قالي أبلغك.
تهجمت معالمه وهو يسألها
أومأت برأسها فعبث بحاجبيه شاردا بالحالة التي قد يكوت بها ابن خاله بتلك اللحظة أفاق من شروده على صوت حور المنادي فانتبه لذاته هامسا
كنت بتقولي حاجه يا حور
قالت بابتسامة ساخرة
ده أنا قولت حاجات مش حاجة واحدة وأخرهم أني حضرلتكم فطار ملوكي.
ابتسم وهو يجيبها بحبور
انكمشت ملامح وجهها بحزن فابتسم وهو يشير لها بحب
طب خلاص متزعليش إعمليلي سندوتشات عما أبص على بدر وأنا هاخدها وأنا نازل.
ركضت على الدرج قائلة بصوت مرتفع
حمامة.
ابتسم على طريقتها الطفولية عن التعبير عن سعادتها
واقف كدليه يا بدر
تسللت بسمة صغيرة لثغره وهو يجيبه باستنكار
مش معقول مبلغكش أن الهانم هتشرق مصر.
قال بعدم مبالاة
وماله تيجي وتشرف بيت الكبير عمره ما بيتففل في وش الغرب هيتففل في وش اللي مننا!
منحه نظرة قاتمة فاستكمليحيى حديثه بإتزان
اللي فات انتهى مع سفرها يا بدر حاول تنسى وبص لقدام حب وإتجوز وإنساها لا هي شبهنا ولا إحنا شبهها.
هز رأسه بإقتناع ثم جذب جاكيته الأسود من على المقعد المقابل له ليشير بيديه
يلا عشان إتاخرنا.
اتبعه للخارج ثم دق جرس الشقة المقابلة له فخرجتحور بالأكياس المغلفة ثم أشارت بغمزة مرحة لأخيها
عملت حسابك.
منحها ابتسامة صافية ليتبع يحيى للأسفل ثم صعد بسيارته ليغادروا سويا لمصانع عائلة دهشان.
عاد بفرسه الجامح كالفهد لمنزله فسلم لجامه لأحد العاملين بالأسطبل الخاص بعائلته ثم ولج للداخل لتحوم عينيه المكان بأكمله باحثا عن والدته أو أي أحدا تسللت رائحة الخبز الطازج لأنفه فأتبعها بابتسامة مشرقة حينما وجد جدته تجلس أرضا ولجوارها زوجات أعمامه يعدن العجين الطازج على المطرحة الخشبية ومن ثم تلتقطه منهما والدته لتضعه بالفرن المصنوع من الطين فعلى الرغم من إمتلاكهما لثروة لا تعد ولا تحصى الا أن جدته مازالت تتمسك بالعرف القديم مازالت تؤكد لهما بأن الخبز الذي يعد بذاك الفرن له مذاق خاص جلس آسر لجوارها ومن ثم امسك بيدها لتنتفض بفزع
إكده يا ولدي شيبت شعري من الړعب!
ابتسم وهو يشاكسها
أنت لسه شباب يا نينا ولا أيه يا عمتو
ضحكت ريم وهي تؤكد لها
امال طب ده أنتي كيف البدر في تمامه.
اتسعت ابتسامة هنية حتى كشف عن أسنانها القليلة التي تتحلى بفكيها ثم قالت باستهزاء
هتأكلوا بعقلي حلاوة أنت وهي إياك!
تداخلت راوية بالحديث المرح فيما بينهما قائلة باحترام
والله يا ماما الحاجة ما بيكدبوا أنتي لسه فعلا زي القمر.
وكالعادة لم يخلو الحديث من مشاركةنادينبحديثهما حينما قالت
أنتي بس يا حاجة لو تسمعي كلامي وتلعبي شوية زومبا تروشك هترجعي شباب من أول وجديد.
تساءلت باستغراب
زومبة دي أيه هي قمان
إنفجرت راوية وآسرمن الضحك فتماسك وهو يخبرها بصعوبة
ده نوع من الموسيقى التقيلة يا نينا بس حاجة مية فل وعشرة.
رفعت حاجبيها باستنكار
هو في يا ولدي زي شادية وأم كلثوم كل ده مسخرة وميتسمعش واصل.
هز رأسه بضحكة يحاول التحكم بها فقاطعهما أحمد الذي جلس على الحصير ليضع السمن البلدي والجبن من أمام نوارة وريم مشيرا لهما بيديه
أهو جبتلكم المطلوب عشان تظبطوني في كان أبوري فلاحي معتبر.
التقطت منه نوارة الجبن ثم قالت بحنان
بس إكده عنيا ليك يا ولدي.
أضافت هنية بحزم
كتري شوية عشان يأخدوا منه للعيال وهما نازلين مصر.
أشارت لها بحب
عنيا يا حاجة.
ولج أحد الخدم للداخل ثم
وضع عينيه أرضا ليحفظ حرمة بيت كبيره قد وضع عدة قوانين لا يتخطاها الصغير قبل الكبير ليبلغهما سريعا
الكبير عايزك بالمندارة يا بشمهندس آسر .
رد عليه بدهشة
عايزني أنا!
أومأ برأسه فنهضآسر عن الأرض ثم لحق به ليرى ماذا هناك ولج للمندارة باحثا عنه حتى وجده يجلس على مقعده بهدوء مخيف إقترب منه وهو يتساءل بحبور
حضرتك طلبتني
رفع فهد حدقتيه تجاهه فسكن الصمت فيما بينهما قليلا ثم رقع عكازه ليطرق به على المقعد الخشبي من جواره
إقعد.
بهدوء إنتقل للمقعد الذي أشار عليه ومن ثم جلس ليتطلع له باهتمام لمعرفة سبب منادته له عاد الصمت ليستحوذ عليهما من جديد إلى أن مزقه فهد قائلا
مالك ومال وهدان المغازي يا ولدي
ابتلع ريقه الجاف وهو يحاول السيطرة على انفعالاته بحضور والده ثم قال بتريث
هو اللي بدأ يا كبير وأكيد اللي بلغك بلغك باللي حصل كله.
نهض وهو يطرق بعصاه الانبوسية الأرض بطرقة قوية تدل على غضبه
اللي حصل ده ميتكررش تاني أني مش مستعد أخسرك أنت كمان!
نهض آسر هو الأخر وقد احتدت لهجته دون أن يعي لذلك
لا هيحصل مرة واتنين ومليون لو أي حد حاول يهين فرد من الدهاشنة وأنا مش ضعيف ولا جبان عشان اسمعه بيتمسخر عليا وأقف ساكت!
صاح فهد بانفعال
ومين قالك إني هسكت لو كنت جيت وخبرتني كنت طربقتها فوق دماغه ودماغ اللي جبوه لكن وأنت بعيد.
بتحكم عظيم بغضبه قال
وأنا مش عيل صغير عشان أجي اشتكيلك من حد أزعجني أنا أعرف أرجع حقي ازاي وأوقف كل حد عند حده.
احتدت نظرات عينيه ليشير له پغضب جامح
بتتحداني إياك
باحترام أجابه
ما عاش ولا كان اللي يتحدى كبير الدهاشنه بس حضرتك مزرعتش فينا الجبن ولا ربتنا على كده منتظر مني أعمل كده ودلوقتي
أخفى بسمة إعجابه خلف صلابته ووجوم وجهه فأشار له بهدوء
اسمع يا ولدي المغازية بيحاولوا يأخدوا علينا أي سبب عشان العهد اللي بينا ينقطع والدم يرجع يسيل تاني بين العيلتين فمتبقاش أنت السبب ده..
هز آسر
رأسه باحترام لكلماته ثم أردف
هحاول أتجنبهم.
ربت بيديه على كتفيه بابتسامة تنبع بالفخر
عاقل طول عمرك وبتحسبها زين.
ثم أشار له قائلا
روح إرتاحلك ساعة ولا تنين قبل ما تسافر.
أجابه بهدوء
لا يدوب أغير هدومي ونسافر عشان نوصل قبل بليل.
ببسمة صافية أجابه
ربنا معاك يا ولدي.
منحه ابتسامة صغيرة وإحتضنه بحب وإحترام قبل أن يصعد ليغير ملابسه ثم صعد لسيارة أحمد ليتوجهوا للقاهرة.
بمكتب يحيى
كنظرات الأفعى السامة التي تنتظر الفرصة المناسبة لتبخ سمها القاټل كانت تراقبه ومن ثم أخرجت من حقيبتها القطرة الطبية التي وضعتها بعينيها لتضمن بأنها تمنحها مظهر الباكية بحړقة والمحطم فوادها ابتسمت يمنى بشرار يلمع بعينيها ومن ثم حملت الملفات الموضوعة من أمامها لتتجه لمكتبه طرقت أولا وحينما استمعت لآذنه ولجت للداخل لتضع الملفات من أمامه ثم قالت بصوت حرصت لجعله حزينا للغاية
الملفات اللي حضرتك طلبتهم.
تلقائيا رفع وجهه إليها حينما استمع لصوتها الغريب فضيق عينيه باستغراب وهو يتأمل عينيه اللامعة بالدموع ليتساءل باهتمام
أنتي كويسة
أومأت برأسها وهي تزيح دمعاتها اللامعة بأهدابها لتجعله يثق بشكوكه تجاهها
مفيش حاجة أنا كويسة.
نهض يحيى عن مقعده ثم دنا منها ليشير لها على المقعد المقابل لها
طب اقعدي نتكلم شوية.
تراقص قلبها طربا حينمل طلب منها ذلك فجلست وهي تتصنع الحياء والرقة المصطنعة فبدأ هو بالحديث
حد من البيت مزعلك ولا أيه
اجابته بحدة مصطنعة
صاحبك مقالكش ولا أيه
هز رأسه بالنفي
لا والله مقاليش حاجة.
ثم أضاف
أنا أساسا مشوفتش عمر من شهرين تلاته لان زي ما انتي شايفة انا تقريبا مش بفضى ساعة واحدة!
ردت عليه بحزن مصطنع
عمركل يوم والتاني بيعمل مشاكل معايا.
تساءل في دهشة
وليه بيعمل كده
أجابته باستياء
لاني برفض أي عريس بيتقدملي رغم أن أغلبهم ولاد ناس وميتعيبوش .
بعملية باحتة قال
طب وليه بترفضي عريس متقدملك مدام ابن ناس ومحترم!
منحته نظرة جعلتها غامضة فقال بعد تفكير
أنتي بتحبي حد تاني مثلا
تعمقت بالتطلع إليه وهو يترقب إجابتها ظنت بأن تلك الفرصة مناسبة للغاية للبوح عما بقلبها قاطع الهاتف تلك اللحظة الذهبية فأشار لها بحرج
ثواني بس أشوف الموبيل.
ونهض ليقترب من المكتب ثم رفع الهاتف ليردد بعدما استمع للمتصل
طيب اهدي اهدي أنا جاي حالا.
وجذب جاكيته الموضوع على جسد المقعد ثم هرول للخارج وهو يشير لها
أنا لازم أرجع البيت حالا هنكمل كلامنا بعدين.
جزت على أسنانها بغيظ من تلك الفرصة التي ضاعت هباءا فجلست ټلعن نفسها على هذا الحظ البائس أما يحيى فهرع لسيارته في محاولة للوصول لشقته مسرعا فقد إعتاد على مواجهة مثل تلك المواقف حينما تزورها دورتها الشهرية فتنتكس حالة ماسة حينما تتذكر الماضي الذي جلدها بسوط قاس!
بمنزل عبد الرحمن
انتهى من إطعامها ثم حمل صينية الطعام للمطبخ ليشمر عن ساعديه ليجلي الأطباق ومن ثم اعاد تنظيف الشقة من جديد وحينما انتهى إقترب من الفراش ليسألها بابتسامة حنونة
خلصت كل حاجة يا ست الكل عايزاني أساعدك بقى تغيري هدومك قبل ما أنزل
بصعوبة هزت مروج رأسها الثقيل لتشير له بالنفي فجلس جوارها ليربت بيديه على وجهها تلألأت الدموع بعينيها فحتى الحديث لا تقوى عليه بعدما أصيبت بشلل نصفي جعلها قعيدة الفراش ربما تدفع ثمن الشړ الذي كانت
متابعة القراءة